top of page

٣٦- في ذكري جواهريّنا الخالد


د. موفق فتوحيد. وليد حميد شلتاغ

 

هذه ليست سوى سطور سريعة عن ذكريات ومحطات عجولة، بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لرحيل شاعر العرب الخالد محمد مهدي الجواهري، والتي تصادف في السابع والعشرين من تموز كل عام..


وقد لا اكون مضيفا بهذه المناسبة شيئا جديدا ان قلت بأنني - كما هم ابناء جيلي، وما سبقه ولحقه - وعيّنا، وما زلنا، بأن ذلك الخالد الكبير ليس شاعرا لا يُبزّ وحسب، بل هو سجل وطني باهر لاحداث البلاد، طوال القرن الفائت تقريبا: مبدعا ومؤرخا وسياسيا ومناضلاُ، أمتدت عطاءاته في مختلف مدن وقصبات البلاد..


ومما زاد من حبنا تقديرنا واعتزازنا بهذا الرمز العراقي الشامخ، اجواء عائلتنا، وخاصة والدي الشهيد حميد شلتاغ، الذي كان يحثنا على قراءة شعره، واستنباط العبر والحكم منه، بعد ان كان يحدثنا عنه وعن نضاله من اجل الشعب... كما زاد من ذلك التقدير والاعجاب، ما تعلمناه وتربينا عليه في نشاطاتنا الوطنية والسياسية منذ مطلع السبعينات والى اليوم ...


كما لا يفوتني ان انوه هنا ايضا، الى دور بنات وابناء الطائفة المندائية، التي انتمي اليها، في تكريس وتعميق حب الجواهري الخالد، والاعتزاز به، انطلاقا من فكره الانساني الذي لم يحدْ عنه طوال حياته، في اشاعة التآخي بين ابناء الوطن الواحد، والوئام بينهم، دون النظر لاعراقهم او دياناتهم او اجناسهم ومذاهبهم وسواها..وقد كان للجواهري الرمز علاقت وطيدة مع العديد من وجوه وشخصيات الطائفة، ومنها – مثلا- مع الشاعرة البارزة لميعة عباس عمارة.


وكم هي رائعة تلك المناسبات الشخصية التي ترتبط بالجواهري الخالد، ومعه، ومنها في اواسط السبعينات الماضية في موسكو، حين كنت ادرس هناك، وكُلفت – وبسعادة- ان اساعده وهو في حالة صحية طارئة، اذ أتكأ على كتفي وهو ينزل من الطائرة الى باحة المطار. وقد كنت في حينها ضمن وفد استقباله في المطار، وعلى مدرجه، ومعه الفقيدان نزيهة الدليمي وعامر عبد الله.


.. كما اتذكر بأعتزاز في هذه السطور، القرب منه، ومن ابنائه خلال فترة وجودي – السياسي ايضا – في دمشق خلال الثمانينات... اما في كردستان، ونحن في قوات الانصار الشيوعية، فقد كان الجواهري بعض زادنا الروحي، شعرا ونضالا. واتذكر هنا ايضا ذلك اللقاء الحميم الذي جمعنا مع الفقيد الكبيرعزيز محمد، سكرتير عام الحزب، في احدى مواقع النضال بكردستان، اذ راح يتحدث عن "جواهرينا" مطولا، شعرا ومواقف وشؤوناً عديدة اخرى. وكم شعرنا بحبه له ولنضاله ومسيرته وقصائده...


اخيرا، وسأتوقف هذه المرة من موقعي الراهن، سفيرا للعراق في براغ، المدينة التي احتضنت الجواهرى في غربته اليها، فبادلها الحب اضعافاُ شعرا وثناء وتغزلاُ، فهي التي اطالت الشوط من عمره كما يقول عنها في احدى قصائده.. اقول من موقعي هذا بأنني اجهد الان، مشاركاً مع الاخرين، لاحياء السنوية العشرين لرحيل شاعرنا، وبما يليق به من استذكار جليل، وكم اتمنى ان يتكلل مسعانا بالنجاح.


* اكاديمي وسفير

bottom of page