top of page

٢٨- إسهاماتي المتواضعة في ذكرى أستاذنا الجواهري


عواد ناصر

 

.. الحب أكبر من المعرفة لا أزعم أنني لازمته أو عرفته عن قرب، وهو ليس صديقي بل أستاذي عن بعد.. أحببت الجواهري وانا فتى وهو النجم. من هنا بدأت مشكلتي مع الجواهري.


رأيته، أول مرة، عام ١٩٧٣في اتحاد الأدباء العراقيين، يجلس في الصف الأول للجمهور وأنا ألقي قصائدي الشابة، فارتجّ علي. أية حماقة من صبي يقرأ شعره أمام الجواهري. تلعثم قلبي كثيراً قبل لساني.


انفضت الأمسية وغادر الناس حتى بقينا وحدنا، الجواهري عند طاولة ليست بعيدة مع أساتذة من أصحابه أو مريديه، وأنا الشاعر الفتى على طاولة بين أصحابي، بلا مريدين . قال صاحبي: إمض وسلم عليه وقدم نفسك. رفضت بعناد وعل. قلت لصاحبي: هو نجم كبير وأنا أقرزم الشعر. سيصافحني ويعاملني كمعجب وما أكثر معجبيه في العالم. أنا لست معجباً. هو أبي وصديقي وبيني وبينه ما يدخل في باب "الحب من طرف واحد". ويبقى الحب أكبر من المعرفة في دمشق، بعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسور بردى ودجلة، شاءت الصدف أن أتعرف على صادق الجواهري الذي تفاجأ بما أسرده عن ابن عمه النجم الساطع. قال: يا رجل، أنت تتحدث عن الجواهري كأنك تعرفه أكثر منا نحن آلِ بيته. صادق الجواهري حي يرزق أطال الله عمره . كنت أريد من الجواهري أن يعرفني وجهاً لوجه: بلا وسطاء ولا أن أسلم عليه والتقط معه صورة كمعجب بنجم. لأنه يخصني أكثر من غيري. أنانية الإبداع تدحض استحواذ الجمهور على النجم. الجواهري لي.


ذات يوم سقط الجواهري في فخي ! جاء من يبلغني أن الجواهري يريد أن يملي عليك قصيدته الجديدة من براغ هاتفياً . فركت كفاً بكف، جذلاً، لأن الجواهري هو من يطلبني ولم أذهب إليه معجباً. رغم ارتفاع درجة حرارتي وأنا في سريري أحلم بلقائه. هكذا كان، ثم توالت اللقاءات وصرت من آلِ بيته. وجاء من يتوسطني للقاء الجواهري في دمشق


. إن هي إلا سانحة احتفاء بشاعري الأثير. وليس لي أن أفسر أو أكشف أهميته الفنية في شعرنا العربي. لكن أقول باختصار: الجواهري هو أكثر الشعراء الكلاسيكيين حداثةً. شاعر كلاسيكي ينتمي لعصرنا الحديث.


* شاعر وكاتب

bottom of page