top of page

٣٨- عن الجواهر


د.كفاح الجواهري

 

في صبيحة يوم 27 تموز 1997 يرقد جسد الجواهري رقدته الأخيرة والأبدية، بعيداً عن معشوقته دجلة الخير، في دمشق حبيبته منذ ريعان شبابه.


رقد جسد الجواهري رقدته الأبدية فيما بقى فكره وشعره ونثره المشبع بالإنسانية والوطنية والأممية خالداً كشجرة باسقة يتظلل بها وينهل من ثمارها كل عراقي يجري في عروقه كدمه حب العراق وطناً وشعباً.


كان الجواهري نصيراً الجماهير الجائعة ومتصدياً لحكام العراق في مختلف العهود ولذلك لم يكن محبوباً من قبلهم بل كانوا يهابونه ويتحاشون الصدام به وبين الحين والآخر يحاولوا اسكاته


بالمغريات المختلفة وعندما ييأسوا يحاربونه برغيف الخبز.

أُنبيك عن شرِّ الطّغام نكايةً بالمؤثريْنَ ضميرَهمْ والواجبا

لَقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا

حشَدوا عليَّ المُغرياتِ مُسيلةً صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا

ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري سقطَ المتَّاع، وأنْ أبيعَ مواهبا..

ماذا يضُرُّ الجوع؟ مجدٌ شامخٌ أنّي أظَلُ مع الرعيَّةِ ساغبا


واليوم لا يختلف موقف الحكام الحالي كثيراً عن سابقه من الجواهري فهم يتجاهلونه ويعتموا عليه ما استطاعوا لأن قصائد الجواهري ونثره يفضحان اسلوب حكمهم الذي مزق شعب العراق وشرذمه إلى طوائف وإثنيات متصارعة ومتكالبة على سرقة المال العام واستهتارها بمطالب العراقيين بتأمين احتياجاتهم الأساسية من الأمان والخدمات. وهل من صورة أوضح وأدق لحكم اليوم من هذه الصورة التي صورها الجواهري قبل 72 عاماً:


أيْ طرطرا تطرطري تقدَّمي، تأخَّري/ تَشيَّعي، تسنَّني تَهوَّدي، تنصَّري/ تكرَّدي، تَعرَّبي تهاتَري بالعُنصرِ/تَعممي، تَبَرنطي تعقَّلي، تسدَّري/ وأنتِ إنْ لم تَجْدي أباً حميدَ الأثَر/ طُوفي على الأعرابِ من بادٍ ومن مُحتَضِر/ والتَمِسي منهم جُدُوداً وزَوِّري/ تَزيَّدِي تزبَّدي تعنَّزي تشمَّري/ في زَمَنِ الذَرِّ إلى بَداوةٍ تَقَهْقَري


وهل من صورة أدق وأوضح لحالة المواطن العراقي في يومنا هذا من الصورة التي صورها الجواهري قبل 66 عاماً لجياع الشعب:


نامي جياعَ الشَّعبِ نامي حرسَتْكِ آلهةُ الطَّعامِ/ نامي على زُبدِ الوعود يُدافُ في عَسلِ الكلامِ/ وَتَرَيْ زرائبَكِ الفِساحَ مبلَّطاتٍ بالرُّخام/ ../ نامي فقد غنَّى "إلهُ الحرب" ألحانَ السلامِ/ نامي على تلك العِظات الغُرِّ من ذاك الإمامِ/ يوصيك أن تدعي المباهج واللذائذ لِلّئامِ

هذا هو حال الجواهري مع شعب العراق وحكامه

ختاماً اتقدم بالشكر الجزيل لمركز الجواهري في براغ ولكل من ساهم ويساهم في احياء ذكرى الجواهري العظيم.


* اكاديمي – نجل الجواهري

bottom of page