٢٩- الجواهري ديوان وطن
فوزي الاتروشيعواد ناصر
منذ نعومة اظفاري تعرفت على الجواهري شاعرا كلاسيكيا بليغ الكلام، ومكتشف المعاني الغزيرة في المفردة القاموسية، وخالق النصوص والابيات التي لو القيت لوحدها حتى اخر الزمن، تتحول الى مقولات مأثورة حالها حال ابيات سطرها المتنبي على صفحة الزمن.
قرأته وانا شاب في الاعدادية في ارتيادي لمكتبة الاعظمية وتشبعت بالكثير من قصائده في (بريد العودة) ورائعته (اخي جعفر) و (يا ام عوف) ثم قصيدته المشبعة حكما وجمالا واناقة بعنوان (يوم الشمال) التى غرد بها على التلفزيون بطاقيته الكوردية الشهيرة بعد اتفاقية السلام بين الحركة التحررية الكوردية والحكومة العراقية في 11 آذار عام 1970، تلك القصيدة اسرتني واحتلت جوارحي فصرت ارددها كلما سنحت الفرصة لما فيها من كثافة واختزال وعمق وطني جارف وحب نحو الاخر الكوردي المتناغم معه في الوطن .
ثم تواصل حبي معه في (مرحبا ايها الارق) ومطولته (يا دجلة الخير يا ام البساتين) وغيرها من درر الشعر اخذتني وما زالت الى عوالم الحلم و الرومانسية المشبعة بالوطن الى ان بتنا نرى تضاريس الوطن موزعا عبر سطور و انحناءات وفواصل وقوافي ابيات القصيدة .
وفي عام 2000 كان لنا شرف الاسهام في اللجنة التحضيرية لمهرجان الجواهري في كوردستان العراق بحضور اعلام الادب والثقافة العراقية و الكوردية ضمن المعارضة العراقية في حينها، واختتم المهرجان في مدينتي اربيل والسليمانية بنصب للشاعر الكبير امام برلمان كوردستان نقشت على قاعدته ابيات شعر كتبها الجواهري في حب الشعب الكوردي ومناصرته له في طريقه الطويل الى الحرية .
الجواهري شاعر عصر و ديوان مكتمل لهموم وتطلعات واحزان وافراح العراق منذ التاسيس ولغاية رحيله عام 1997 وهذا السفر الشعري بلغ مجموع ابياته (25)الف بيتا ، ارخت يوميات شعب ووثقت حياته في المنفى في مدينة(براغ) ذات الجمال المتفرد وفي انتقالاته بين الوطن والمنافي.
والثابت في شعره انه لم يتنكر لهموم وتطلعات العراقيين ولم يستكن امام العواصف و لم يتردد في الاحتجاج لمصلحة الوطن وضد الطغاة .. أليس هو القائل : باق واعمار الطغات قصارُ..
وبقدر ما كتب الجواهري في الوطن فقد توسع في المجالات الاخرى كالغزل والمراثي والمواقف الاجتماعية والانسانية..
الجواهري يستحق ان نفرط في حبه لانه افرط في حب وطن لم يهنأ فيه حتى بقبر . انه في الشعر ديوان وطن.
* كاتب وشاعر