"جمهورية الجواهري" للمخرج عقيل مهدي
بغداد- صحيفة الحياة:2015.4.7
-----------------------------------------------------------
"جمهورية الجواهري" هو العمل المسرحي الجديد للفنان عقيل مهدي، مكرساً به ومتواصلاً من خلاله مع تجربة مسرحية بدأها قبل سنوات، مقدماً ضمن ما سماه «درامية النمط» أعمالاً تناولت حياة وأفكار شخصيات لعبت دوراً في تاريخ العراق الثقافي المعاصر.
والأعمال التي قدمها عن الشاعر بدر شاكر السياب، والفنان التشكيلي جواد سليم، والفنان المسرحي يوسف العاني، وعن رائد المسرح في العراق الفنان حقي الشبلي... حرص من خلالها – كما يقول – على تقديم «رؤية مسرحية» عن الاشكال الإبداعي لدى كل منهم.
وفي هذا السياق يرى أن للجواهري «اشكاله الإبداعي الشخصي» يجده متمثلاً في «تأسيس جمهورية شعرية مثالية، من غير تنكر للقاع الاجتماعي الذي طلع منه – الشعب»، متابعاً حياة الشاعر (التي بدأت العام 1900 واختتمت العام 1997) والأحداث التي أحاطت بها، أو صنعتها... رافده الأساس في ذلك قصائد الشاعر، الذي يؤرخ لبدايتها العام 1921، تاريخ أولى قصائده. وهو يجد في القصائد ما يســــاعد على مسرحتها: من غنائية عالية، الى تعددية صوتية (درامية)، مركزاً على «حلم جمهورية متمردة على «مساطر» الأحزاب والأنظمة و»قياسات» المسموح والممنوع...».
وفي هذا العمل يختلف المسرحي «مع من يحاول «تجنيس» ثورة الجواهري وتمرده، برد هذه الثورة وهذا التمرد الى أطر ضيقة، متخذاً في العمل سبيل التقاط ما يدعوه «جمالية الجواهري المتعددة والمتباينة». فهو – كما يصفه – «نمر على الطغاة، قط أليف مع المرأة، أسد في عرين السجن، نسر في الشعر، شهيد في الصحافة... وفيه شيء من طباع العمالقة، وروحية الثوار.
فإذا أردت دراسة شخصية (character) الجواهري الفذة عليك بدراسة الشعب العراقي في تقلب أطواره، وفي طيبته. وإن أردت دراسة هذا الشعب، الذي منه الجواهري، فعليك بشخصية الجواهري، بصفتها عينة منتخبة تقدم دلالات مادية ومعنوية عن شخصية «العراقي» بقدر منصف من الثبات والموضوعية».
ويجد الفنان عقيل مهدي، وهو يقلب وجوه شخصية الجواهري في عمله المسرحي هذا، الذي تدعمه «مؤسسة المدى» و «جامعة بغداد»، على خلاف ما يراه آخرون، فهو عنده، «شخصية متحدة، وليست منشطرة»... دالاً على ذلك في كونه «لم يتخل عن حلمه.
وقد شحن الشعب بهذا الحلم ليعلو به على بؤسه وانحطاطه. وكان له من فكره النير، وخياراته الحضارية المسؤولة ما ساعده على الخروج من جلباب العصر العثماني، والدخول من بوابة العصر الحديث، ومدنيته، أو دولة المؤسسات المدنية وقوانينها في المساواة، وحرية الفكر والعمل».
ويضيف: «ان عين رضاه كانت ترى محاسن الشعب، وتكشف عورات الحكومة».
ومع هذا، فإن الفــــنان مــهدي يبعد عمله هذا عن تلك «الاقترانات الشرطية الايديولوجية» التي قد يضعه المشاهد فيها، مراهناً على ما يدعوه «القراءة الجــــمالية للــعمل، التي ينسجها العرض من خلال إعادة تحليل هذه الشخصية المبدعة وتفكــــيكها مسرحياً». وهمه في هذا هو أن «يرى النـــاس، من قرب رؤية اخراجية جريئة في «زمن الاحتلال تقرن خطوط الماضي بكل من الحاضر والمستقبل».
---------------------------------------------------------------------